كتبت د. نادية العوضي
نهر الأردن حرام على الفلسطنيين حلال لإسرائيل
نرى كل يوم على شاشات التليفزيون المشاهد الدموية داخل الأراضي الفلسطينية والتي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة داخل فلسطين. إلا أن الاحتلال الإسرائيلي لا يحارب الشعب الفلسطيني الأعزل باستخدام الأسلحة العسكرية فقط، بل هناك العديد من الوسائل التي لجأت إليها إسرائيل من أجل محاصرة هذا الشعب المغوار، ومحاولة القضاء على عزيمته في المقاومة ضد احتلال البطش والطغيان.
أهم تلك الوسائل هي المياه، والتي رفض الجانب الإسرائيلي مناقشتها في جميع مفاوضاته مع الجانب الفلسطيني، مؤجلا بذلك –حسب زعمه- الحديث في هذا الشأن إلى مفاوضات الوضع النهائي. وإلى ذلك الحين تقوم إسرائيل باستغلال المياه كوسيلة للضغط على الشعب الفلسطيني وكإحدى وسائلها المتعددة لتعذيبه.
مصادر المياه تحت السيطرة الإسرائيلية
أهم مصدر للمياه السطحية داخل فلسطين هو نهر الأردن، والذي ينشأ في شمال فلسطين وهضبة الجولان المحتلة وجنوب لبنان ليغذي بحيرة طبرية. أما الجزء الجنوبي من نهر الأردن فيتغذى من الينابيع ومياه الأمطار داخل الضفة الغربية ومن المياه السورية والأردنية، والتي تأتي أغلبها من نهر اليرموك. يُذكر أن إسرائيل لا تسمح للفلسطينيين باستخدام ولو قطرة ماء واحدة من مياه نهر الأردن.
يمثل نهر الأردن 30% فقط من مصادر المياه العامة داخل فلسطين؛ حيث تعتمد فلسطين في الأغلب على مياهها الجوفية المتمثلة في:
1- مياه الخزان الجبلي الجوفي القابع أسفل الضفة الغربية، والذي يتكون من ثلاثة أحواض- غربية وشرقية وشمالية شرقية. تسحب إسرائيل ما يقدر بـ 483 مليون متر مكعب في السنة من مياه الخزان الجوفي الجبلي (بما في ذلك 40 مليون متر مكعب في السنة تسحبه المستعمرات الإسرائيلية في غور الأردن)، في حين لا يسحب الفلسطينيون أكثر من 118 مليون متر مكعب في السنة من نفس الخزان.
2- مياه الخزان الساحلي الجوفي القابع أسفل ساحل البحر الأبيض المتوسط ما بين رفح جنوبا وجبل كرمل شمالا، وتبلغ مساحته الكلية 2200 كم2، توجد 400 كم2 منها أسفل قطاع غزة. تعتبر المياه الجوفية داخل قطاع غزة مستقلة إلى حد كبير عن المياه الجوفية داخل ما يُسمَّى بإسرائيل بسبب سريان المياه بشكل شرقي-غربي داخل الخزان، وبالتالي فان كميات المياه المتوفرة منها للفلسطينيين داخل قطاع غزة معقولة.
إلا أن مياه الخزان تعاني من رداءتها الشديدة لعدة أسباب، أهمها الاستهلاك الزائد عن الحد من الجانب الإسرائيلي، بحيث بلغ في الفترة الأخيرة زيادة عن قدرة الخزان على تجديد مياهها، والتي تعوضها إسرائيل بتزويد الخزان بمياه الصرف المعادة تدويرها، وبمياه من خط المياه الوطني الإسرائيلي. ولكن سوء الاستخدام هذا أدى أخيرًا إلى انخفاض مستويات المياه داخل الخزان إلى ما تحت سطح البحر، وهو ما أدى إلى تسرب مياه البحر إليها، وبالتالي زيادة ملوحتها بحيث أصبحت جودة مياه الآبار داخل قطاع غزة على النحو التالي:
1- 7% من الآبار فقط مياهها جيدة.
2- 38% من الآبار مياهها متدنية.
3- 55% من الآبار مياهها رديئة.
إسرائيل احتلت المياه
في عام 1967 أعلنت الحكومة الإسرائيلية ملكية جميع مصادر المياه داخل فلسطين لدولة إسرائيل، بحيث يقوم بإدارتها الجيش الإسرائيلي. كما قامت بإصدار الأمر العسكري رقم 158، والذي يمنع الفلسطينيين وحدهم من القيام بحفر آبار جديدة دون ترخيص من قبل الحكومة الإسرائيلية. كما قامت بتحديد استهلاك الفلسطينيين للمياه عن طريق تحديد نسب مفروضة على الاستخدام اليومي للمياه، وجرف آلاف الأشجار وتدمير مخازن المياه وسد الكثير من الينابيع والآبار؛ كل ذلك من أجل تحديد معدلات الاستخدام. هذا في حين أن المستوطنين اليهود لا توجد بالنسبة إليهم أية قيود في استخدام المياه، بل والأدهى من ذلك أن الحكومة الإسرائيلية تدعّم ذلك الاستخدام، بحيث أن المستوطن اليهودي لا يدفع سوى 0.10 دولار لكل متر مكعب من المياه، في حين يدفع المواطن الفلسطيني 1.20 دولار لكل متر مكعب من المياه!
معدلات الاستهلاك المقارنة
وإذا نظرنا إلى كميات المياه المتجددة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة نجدها على النحو التالي:
1- 679 مليون متر مكعب في العام من المياه الجوفية داخل الضفة الغربية.
2- 112 مليون متر مكعب في العام من المياه الجوفية داخل قطاع غزة.
3- 200 مليون متر مكعب في العام من نهر الأردن.
(وبالتالي فالمجموع الكلي للمياه المتجددة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة يساوي 991 مليون متر مكعب في العام).
أما إجمالي المياه المتجددة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة وما يُسمَّى حاليا بدولة إسرائيل، فهي 2 بليون متر مكعب من المياه كل عام. ومن إجمالي المياه داخل فلسطين لا يسمح للفلسطينيين داخل الضفة الغربية وقطاع غزة إلا باستخدام 250 مليون متر مكعب في العام- يستخدم 160 مليون متر مكعب منها للأغراض الزراعية، و90 مليون متر مكعب للأغراض المدنية- في حين يستغل الإسرائيليون والمستوطنون اليهود داخل الضفة الغربية وقطاع غزة باقي الـ 1750 مليون متر مكعب من تلك المياه.
وهكذا-وبحسبة بسيطة- نكتشف أن إسرائيل تمتص من الضفة الغربية وقطاع غزة 741 مليون متر مكعب من المياه كل عام، أي ما يوازي 75% من مصادر مياهها!، وبحسبة أخرى نجد أن 88% من إجمالي مياه أراضي فلسطين عامة مخصصة لاستهلاك 6 ملايين إسرائيلي، في حين يستهلك 3 ملايين فلسطيني 12% من المياه المتجددة الفلسطينية، بمعنى أن كل 4 من الفلسطينيين يستهلك نفس ما يستهلكه فرد إسرائيلي واحد!
وكإحدى الأمثلة على الاستغلال الإسرائيلي للمياه الفلسطينية، ففي مدينة الخليل حيث بنيت مستوطنة إسرائيلية داخل وحول المدينة، فإن 70% من مياه المدينة تذهب إلى 8500 مستوطن يهودي، في حين تذهب 30% فقط من تلك المياه إلى 250 ألف ساكن فلسطيني أصلي بالمدينة. أما في قطاع غزة فيستغل ما بين 3000-4000 مستوطن يهودي أكثر من 75% من المياه الجوفية المتوفرة بالمنطقة، في حين يستخدم حوالي مليون مواطن فلسطيني الـ30% الباقية من المياه.
تعتبر منظمة الصحة العالمية أدنى حد للاستخدام المدني اليومي للمياه لكل فرد 150 لتر/فرد/يوم. هذا في حين أن الاستخدام المسموح به للفلسطينيين ما هو إلا 57-76 لتر/فرد/يوم. وبالمقارنة فإن المستوطنين اليهود يستخدمون ما بين 280-300 لتر/فرد/يوم.
يُذكر أن إسرائيل تضع وبشكل مستمر العراقيل المختلفة لتمنع الفلسطينيين من بناء محطات لمعالجة المياه العادمة في المناطق التي يريدون بناءها فيها، كما تعرقل باستمرار السماح لإنشاء خطوط لنقل المياه بين المناطق الفلسطينية المختلفة.
سلاح المياه ضد الانتفاضة
قد يظن المرء أن الأوضاع لا يمكن أن تسوء عما هي عليه بالنسبة لقضية المياه داخل فلسطين، إلا أن الحقيقة غير ذلك تماما؛ ففي انتفاضة الأقصى الحالية قامت السلطات الإسرائيلية والمستوطنون اليهود بالعديد من الإجراءات من أجل الضغط على الشعب الفلسطيني بقضية المياه، نلخصها فيما يلي:
1- رفع أسعار المياه: ففي الخليل وبيت لحم على سبيل المثال ارتفعت أسعار المياه في بعض الأحيان إلى 7.5 دولارات لكل متر مكعب!
2- منع ناقلات المياه الفلسطينية من العبور، سواء إلى مصادر المياه أو إلى القرى الفلسطينية المحاصرة، والذي أدى إلى اعتماد 86.255 مواطنا فلسطينيا -مصدرهم الرئيسي للمياه هو تلك الناقلات- على 20 لترًا من المياه النظيفة لمدة زمنية تراوحت بين أسبوع إلى شهرين.
3- تدمير خطوط أنابيب المياه الداخلة إلى المدن الفلسطينية، سواء من قبل المستوطنين اليهود أو من قبل الجيش الإسرائيلي. ففي الخليل على سبيل المثال قامت القوات الإسرائيلية بتدمير خط المياه الرئيسي داخل المدينة أثناء حفرها الشارع الرئيسي بها من أجل عمل خندق عائق للمرور بالشارع. كما قام العديد من المستوطنين اليهود باستخدام آلات الجرف، من أجل تدمير خطوط المياه التي تمد المدن الفلسطينية المجاورة. هذا بالإضافة إلى اعتداء المستوطنين اليهود على الفلسطينيين الحاملين للمياه، وهو ما أدى إلى سقوط شهداء والكثير من الجرحى.
4- محاصرة المدن والقرى الفلسطينية، والتي أدت إلى استحالة توفير قطع الغيار اللازمة لصيانة مضخات المياه.
5- تدمير الآبار والتي وصل تعدادها إلى 108 بئر مدمر حتى شهر سبتمبر 2001، منها قصف المروحيات الإسرائيلية للبئر التي تخدم أكثر من 179.000 فلسطيني في منطقة "مغراقة" الموجودة داخل قطاع غزة.
6- استهداف القنّاصة الإسرائيليين لخزانات المياه فوق أسطح منازل الفلسطينيين.
7- منع سريان المياه من بعض القواعد العسكرية التي أقيمت حول آبار للمياه إلى القرى الفلسطينية المحيطة.
8- إغلاق المستوطنين اليهود لخطوط المياه الخارجة من الآبار التي أقيمت مستوطناتهم حولها.
9- امتناع الشركة الإسرائيلية المسئولة عن خطوط المياه عن القيام بأية إصلاحات لازمة.
كل هذا يحدث في حين أننا نرى كل يوم أن الشعب الفلسطيني قد اعتبر انتفاضة الأقصى هي سبيله الوحيد لحصوله على حقوقه المشروعة، ولن يتأثر ولن يتوانى من ضغوط عدو غاشم محتل
نهر الأردن حرام على الفلسطنيين حلال لإسرائيل
نرى كل يوم على شاشات التليفزيون المشاهد الدموية داخل الأراضي الفلسطينية والتي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة داخل فلسطين. إلا أن الاحتلال الإسرائيلي لا يحارب الشعب الفلسطيني الأعزل باستخدام الأسلحة العسكرية فقط، بل هناك العديد من الوسائل التي لجأت إليها إسرائيل من أجل محاصرة هذا الشعب المغوار، ومحاولة القضاء على عزيمته في المقاومة ضد احتلال البطش والطغيان.
أهم تلك الوسائل هي المياه، والتي رفض الجانب الإسرائيلي مناقشتها في جميع مفاوضاته مع الجانب الفلسطيني، مؤجلا بذلك –حسب زعمه- الحديث في هذا الشأن إلى مفاوضات الوضع النهائي. وإلى ذلك الحين تقوم إسرائيل باستغلال المياه كوسيلة للضغط على الشعب الفلسطيني وكإحدى وسائلها المتعددة لتعذيبه.
مصادر المياه تحت السيطرة الإسرائيلية
أهم مصدر للمياه السطحية داخل فلسطين هو نهر الأردن، والذي ينشأ في شمال فلسطين وهضبة الجولان المحتلة وجنوب لبنان ليغذي بحيرة طبرية. أما الجزء الجنوبي من نهر الأردن فيتغذى من الينابيع ومياه الأمطار داخل الضفة الغربية ومن المياه السورية والأردنية، والتي تأتي أغلبها من نهر اليرموك. يُذكر أن إسرائيل لا تسمح للفلسطينيين باستخدام ولو قطرة ماء واحدة من مياه نهر الأردن.
يمثل نهر الأردن 30% فقط من مصادر المياه العامة داخل فلسطين؛ حيث تعتمد فلسطين في الأغلب على مياهها الجوفية المتمثلة في:
1- مياه الخزان الجبلي الجوفي القابع أسفل الضفة الغربية، والذي يتكون من ثلاثة أحواض- غربية وشرقية وشمالية شرقية. تسحب إسرائيل ما يقدر بـ 483 مليون متر مكعب في السنة من مياه الخزان الجوفي الجبلي (بما في ذلك 40 مليون متر مكعب في السنة تسحبه المستعمرات الإسرائيلية في غور الأردن)، في حين لا يسحب الفلسطينيون أكثر من 118 مليون متر مكعب في السنة من نفس الخزان.
2- مياه الخزان الساحلي الجوفي القابع أسفل ساحل البحر الأبيض المتوسط ما بين رفح جنوبا وجبل كرمل شمالا، وتبلغ مساحته الكلية 2200 كم2، توجد 400 كم2 منها أسفل قطاع غزة. تعتبر المياه الجوفية داخل قطاع غزة مستقلة إلى حد كبير عن المياه الجوفية داخل ما يُسمَّى بإسرائيل بسبب سريان المياه بشكل شرقي-غربي داخل الخزان، وبالتالي فان كميات المياه المتوفرة منها للفلسطينيين داخل قطاع غزة معقولة.
إلا أن مياه الخزان تعاني من رداءتها الشديدة لعدة أسباب، أهمها الاستهلاك الزائد عن الحد من الجانب الإسرائيلي، بحيث بلغ في الفترة الأخيرة زيادة عن قدرة الخزان على تجديد مياهها، والتي تعوضها إسرائيل بتزويد الخزان بمياه الصرف المعادة تدويرها، وبمياه من خط المياه الوطني الإسرائيلي. ولكن سوء الاستخدام هذا أدى أخيرًا إلى انخفاض مستويات المياه داخل الخزان إلى ما تحت سطح البحر، وهو ما أدى إلى تسرب مياه البحر إليها، وبالتالي زيادة ملوحتها بحيث أصبحت جودة مياه الآبار داخل قطاع غزة على النحو التالي:
1- 7% من الآبار فقط مياهها جيدة.
2- 38% من الآبار مياهها متدنية.
3- 55% من الآبار مياهها رديئة.
إسرائيل احتلت المياه
في عام 1967 أعلنت الحكومة الإسرائيلية ملكية جميع مصادر المياه داخل فلسطين لدولة إسرائيل، بحيث يقوم بإدارتها الجيش الإسرائيلي. كما قامت بإصدار الأمر العسكري رقم 158، والذي يمنع الفلسطينيين وحدهم من القيام بحفر آبار جديدة دون ترخيص من قبل الحكومة الإسرائيلية. كما قامت بتحديد استهلاك الفلسطينيين للمياه عن طريق تحديد نسب مفروضة على الاستخدام اليومي للمياه، وجرف آلاف الأشجار وتدمير مخازن المياه وسد الكثير من الينابيع والآبار؛ كل ذلك من أجل تحديد معدلات الاستخدام. هذا في حين أن المستوطنين اليهود لا توجد بالنسبة إليهم أية قيود في استخدام المياه، بل والأدهى من ذلك أن الحكومة الإسرائيلية تدعّم ذلك الاستخدام، بحيث أن المستوطن اليهودي لا يدفع سوى 0.10 دولار لكل متر مكعب من المياه، في حين يدفع المواطن الفلسطيني 1.20 دولار لكل متر مكعب من المياه!
معدلات الاستهلاك المقارنة
وإذا نظرنا إلى كميات المياه المتجددة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة نجدها على النحو التالي:
1- 679 مليون متر مكعب في العام من المياه الجوفية داخل الضفة الغربية.
2- 112 مليون متر مكعب في العام من المياه الجوفية داخل قطاع غزة.
3- 200 مليون متر مكعب في العام من نهر الأردن.
(وبالتالي فالمجموع الكلي للمياه المتجددة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة يساوي 991 مليون متر مكعب في العام).
أما إجمالي المياه المتجددة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة وما يُسمَّى حاليا بدولة إسرائيل، فهي 2 بليون متر مكعب من المياه كل عام. ومن إجمالي المياه داخل فلسطين لا يسمح للفلسطينيين داخل الضفة الغربية وقطاع غزة إلا باستخدام 250 مليون متر مكعب في العام- يستخدم 160 مليون متر مكعب منها للأغراض الزراعية، و90 مليون متر مكعب للأغراض المدنية- في حين يستغل الإسرائيليون والمستوطنون اليهود داخل الضفة الغربية وقطاع غزة باقي الـ 1750 مليون متر مكعب من تلك المياه.
وهكذا-وبحسبة بسيطة- نكتشف أن إسرائيل تمتص من الضفة الغربية وقطاع غزة 741 مليون متر مكعب من المياه كل عام، أي ما يوازي 75% من مصادر مياهها!، وبحسبة أخرى نجد أن 88% من إجمالي مياه أراضي فلسطين عامة مخصصة لاستهلاك 6 ملايين إسرائيلي، في حين يستهلك 3 ملايين فلسطيني 12% من المياه المتجددة الفلسطينية، بمعنى أن كل 4 من الفلسطينيين يستهلك نفس ما يستهلكه فرد إسرائيلي واحد!
وكإحدى الأمثلة على الاستغلال الإسرائيلي للمياه الفلسطينية، ففي مدينة الخليل حيث بنيت مستوطنة إسرائيلية داخل وحول المدينة، فإن 70% من مياه المدينة تذهب إلى 8500 مستوطن يهودي، في حين تذهب 30% فقط من تلك المياه إلى 250 ألف ساكن فلسطيني أصلي بالمدينة. أما في قطاع غزة فيستغل ما بين 3000-4000 مستوطن يهودي أكثر من 75% من المياه الجوفية المتوفرة بالمنطقة، في حين يستخدم حوالي مليون مواطن فلسطيني الـ30% الباقية من المياه.
تعتبر منظمة الصحة العالمية أدنى حد للاستخدام المدني اليومي للمياه لكل فرد 150 لتر/فرد/يوم. هذا في حين أن الاستخدام المسموح به للفلسطينيين ما هو إلا 57-76 لتر/فرد/يوم. وبالمقارنة فإن المستوطنين اليهود يستخدمون ما بين 280-300 لتر/فرد/يوم.
يُذكر أن إسرائيل تضع وبشكل مستمر العراقيل المختلفة لتمنع الفلسطينيين من بناء محطات لمعالجة المياه العادمة في المناطق التي يريدون بناءها فيها، كما تعرقل باستمرار السماح لإنشاء خطوط لنقل المياه بين المناطق الفلسطينية المختلفة.
سلاح المياه ضد الانتفاضة
قد يظن المرء أن الأوضاع لا يمكن أن تسوء عما هي عليه بالنسبة لقضية المياه داخل فلسطين، إلا أن الحقيقة غير ذلك تماما؛ ففي انتفاضة الأقصى الحالية قامت السلطات الإسرائيلية والمستوطنون اليهود بالعديد من الإجراءات من أجل الضغط على الشعب الفلسطيني بقضية المياه، نلخصها فيما يلي:
1- رفع أسعار المياه: ففي الخليل وبيت لحم على سبيل المثال ارتفعت أسعار المياه في بعض الأحيان إلى 7.5 دولارات لكل متر مكعب!
2- منع ناقلات المياه الفلسطينية من العبور، سواء إلى مصادر المياه أو إلى القرى الفلسطينية المحاصرة، والذي أدى إلى اعتماد 86.255 مواطنا فلسطينيا -مصدرهم الرئيسي للمياه هو تلك الناقلات- على 20 لترًا من المياه النظيفة لمدة زمنية تراوحت بين أسبوع إلى شهرين.
3- تدمير خطوط أنابيب المياه الداخلة إلى المدن الفلسطينية، سواء من قبل المستوطنين اليهود أو من قبل الجيش الإسرائيلي. ففي الخليل على سبيل المثال قامت القوات الإسرائيلية بتدمير خط المياه الرئيسي داخل المدينة أثناء حفرها الشارع الرئيسي بها من أجل عمل خندق عائق للمرور بالشارع. كما قام العديد من المستوطنين اليهود باستخدام آلات الجرف، من أجل تدمير خطوط المياه التي تمد المدن الفلسطينية المجاورة. هذا بالإضافة إلى اعتداء المستوطنين اليهود على الفلسطينيين الحاملين للمياه، وهو ما أدى إلى سقوط شهداء والكثير من الجرحى.
4- محاصرة المدن والقرى الفلسطينية، والتي أدت إلى استحالة توفير قطع الغيار اللازمة لصيانة مضخات المياه.
5- تدمير الآبار والتي وصل تعدادها إلى 108 بئر مدمر حتى شهر سبتمبر 2001، منها قصف المروحيات الإسرائيلية للبئر التي تخدم أكثر من 179.000 فلسطيني في منطقة "مغراقة" الموجودة داخل قطاع غزة.
6- استهداف القنّاصة الإسرائيليين لخزانات المياه فوق أسطح منازل الفلسطينيين.
7- منع سريان المياه من بعض القواعد العسكرية التي أقيمت حول آبار للمياه إلى القرى الفلسطينية المحيطة.
8- إغلاق المستوطنين اليهود لخطوط المياه الخارجة من الآبار التي أقيمت مستوطناتهم حولها.
9- امتناع الشركة الإسرائيلية المسئولة عن خطوط المياه عن القيام بأية إصلاحات لازمة.
كل هذا يحدث في حين أننا نرى كل يوم أن الشعب الفلسطيني قد اعتبر انتفاضة الأقصى هي سبيله الوحيد لحصوله على حقوقه المشروعة، ولن يتأثر ولن يتوانى من ضغوط عدو غاشم محتل