عبدالله حازم المنسي
وأنا جالس لأُشاهد الطلاب في ساحات الجامعة التي أدرس فيها، ألابهم يسبون ويشتمون شابًّا فقيرًا بأبشع الكلمات التي لا توصَف من شِدَّتها، يقذفون حُرُماته، ويعايرونه بفقْره، ويحترمون الذي يشتمه ويُعايره؛ لأنه غنيٌّ وصاحب نفوذ ومالٍ، حتى لو كان هذا الشخص لا يَحترم أحدًا.
تهيَّأت لي الحياة في تلك اللحظات - بعدما شاهدتُ الشاب ينظر إلى السماء؛ ليداري دَمعاته من السقوط أمام الملأ - بأنها غابة كبيرة، لا يَهمُّهم ما سوف يحدث لشابٍّ مِن تحطُّم معنويَّاته وطُموحاته التي كان يحلم بها، كلُّ همومهم وفِكرهم العيش في رخاءٍ وكبرياءٍ، واستهتار بالناس الضُّعفاء.
في هذا الوقت من الزمان أصبحتْ كلمة الإيثار نادرةً وغريبةً على بعض الناس، ليس كل الناس، الأغنياء منهم بالتحديد، لا يهمه معناها كثيرًا، ما يهمه بالتحديد العيشُ وَفْق راحة نفسه، وابتكار طُرق جديدة للحصول على المال، أصبحت الأُمُّ في دوَّامة، والأب في دوَّامة أخرى، وأبناؤهم في دوَّامة غربيَّة تغزو البلاد العربية بسرعة البَرق، وكلٌّ منهم في أشْغاله وحياته الخاصة، بعيدًا عن الإيثار مع الآخرين، هل هذه أسرة في رأْيكم؟
في هذا الوقت، الأخ لا يعترف بأخيه؛ لأنه فقير، أخوه الذي تربَّى معه، وأكلا وشَرِبا في نفس البيت، وضَحِكا وفَرِحا وحَزِنا أيضًا، هل هكذا تعلَّمنا الإيثار من حبيبنا المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - أصبحت الأُمُّ لَدَيها أعمالها، والأب أيضًا لَدَيه أعماله، الأبناء يطالبون بحريَّتهم الشخصيَّة، يطالبون بتربية غربية تختلف اختلافًا كاملاً عن عاداتنا نحن المسلمين، الذين نمشي على طريق وخُطا الحبيب محمد - صلى الله علية وسلم.
كل فِكرنا وهَمِّنا المال والنفوذ، والعيش في رخاءٍ، حتى لو كنَّا بَعيدين عن ديننا الإسلامي، وعن كلام الله وكتابه، وعن حبيبنا ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أصبحْنا نفتِّش ونبحث عن عيوب الآخرين؛ لنستهزئ بها، أصبحنا نبحث عن قَصصهم السابقة؛ لنُعايرهم بها ونذكِّرهم، ولنستفزهم ونُحطِّم آمالَهم وطُموحاتهم التي يحلمون بها.
ورَد عن حبيب بن ثابت - رضي الله عنه - أنَّ الحارث بن هشام وعِكْرمة، وعيَّاش - رضي الله عنهم - خرَجوا يوم اليرموك، حتى أُثْبِتوا - لا يستطيعون الحركة من شِدَّة الجوع - فدَعا الحارث بن هشام بماءٍ ليشرَبَه، فنظَر إليه عِكْرمة، فقال: ادفعه إلى عكرمة، فلمَّا أخَذه، نظَر إليه عيَّاش، قال: ادْفعه إلى عيَّاش، فما وصَل إلى عيَّاش حتى مات، وما وصَل إلى أحدٍ منهم حتى ماتوا.
من شدة حبِّهم آثروا على أنفسهم حتى ماتوا جميعًا، مَن يفعلها في هذا الزمان الذي أصبحنا فيه لا نعرف شيئًا عن الجيران، ولا عن الصَّدِيق، ولا عن القريب؟!
كل ما نهتمُّ به الآن هو العيش في رخاءٍ وحياة رغيدة، ونَستعرض على أنفسنا أجملَ الملابس وغيرنا لا يستطيع شراءَها.
قال - تعالى - في كتابه العزيز: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].
لا ينساهم مَن في السماء، ونحن أيضًا يجب علينا ألاَّ ننساهم، ونجعلهم جزءًا من الذاكرة المخلدة؛ حتى لا يطمسهم النسيان، لماذا لا نعيد الإيثار كما كان في عهد الرسول - صلى الله علية وسلم - هيَّا بنا نعود كما كان النبي والصحابة يؤْثرون بعضهم البعض في كلِّ شيءٍ؛ حتى نستأصِلَ المرض الذي تفشَّى في عقولنا وأفكارنا، نعود أسرةً مسلمة تعوَّدت على الإيثار والوفاء والتضحية، ونبتعد عن الكراهية والحسد والنَّميمة.
وأنا جالس لأُشاهد الطلاب في ساحات الجامعة التي أدرس فيها، ألابهم يسبون ويشتمون شابًّا فقيرًا بأبشع الكلمات التي لا توصَف من شِدَّتها، يقذفون حُرُماته، ويعايرونه بفقْره، ويحترمون الذي يشتمه ويُعايره؛ لأنه غنيٌّ وصاحب نفوذ ومالٍ، حتى لو كان هذا الشخص لا يَحترم أحدًا.
تهيَّأت لي الحياة في تلك اللحظات - بعدما شاهدتُ الشاب ينظر إلى السماء؛ ليداري دَمعاته من السقوط أمام الملأ - بأنها غابة كبيرة، لا يَهمُّهم ما سوف يحدث لشابٍّ مِن تحطُّم معنويَّاته وطُموحاته التي كان يحلم بها، كلُّ همومهم وفِكرهم العيش في رخاءٍ وكبرياءٍ، واستهتار بالناس الضُّعفاء.
في هذا الوقت من الزمان أصبحتْ كلمة الإيثار نادرةً وغريبةً على بعض الناس، ليس كل الناس، الأغنياء منهم بالتحديد، لا يهمه معناها كثيرًا، ما يهمه بالتحديد العيشُ وَفْق راحة نفسه، وابتكار طُرق جديدة للحصول على المال، أصبحت الأُمُّ في دوَّامة، والأب في دوَّامة أخرى، وأبناؤهم في دوَّامة غربيَّة تغزو البلاد العربية بسرعة البَرق، وكلٌّ منهم في أشْغاله وحياته الخاصة، بعيدًا عن الإيثار مع الآخرين، هل هذه أسرة في رأْيكم؟
في هذا الوقت، الأخ لا يعترف بأخيه؛ لأنه فقير، أخوه الذي تربَّى معه، وأكلا وشَرِبا في نفس البيت، وضَحِكا وفَرِحا وحَزِنا أيضًا، هل هكذا تعلَّمنا الإيثار من حبيبنا المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - أصبحت الأُمُّ لَدَيها أعمالها، والأب أيضًا لَدَيه أعماله، الأبناء يطالبون بحريَّتهم الشخصيَّة، يطالبون بتربية غربية تختلف اختلافًا كاملاً عن عاداتنا نحن المسلمين، الذين نمشي على طريق وخُطا الحبيب محمد - صلى الله علية وسلم.
كل فِكرنا وهَمِّنا المال والنفوذ، والعيش في رخاءٍ، حتى لو كنَّا بَعيدين عن ديننا الإسلامي، وعن كلام الله وكتابه، وعن حبيبنا ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أصبحْنا نفتِّش ونبحث عن عيوب الآخرين؛ لنستهزئ بها، أصبحنا نبحث عن قَصصهم السابقة؛ لنُعايرهم بها ونذكِّرهم، ولنستفزهم ونُحطِّم آمالَهم وطُموحاتهم التي يحلمون بها.
ورَد عن حبيب بن ثابت - رضي الله عنه - أنَّ الحارث بن هشام وعِكْرمة، وعيَّاش - رضي الله عنهم - خرَجوا يوم اليرموك، حتى أُثْبِتوا - لا يستطيعون الحركة من شِدَّة الجوع - فدَعا الحارث بن هشام بماءٍ ليشرَبَه، فنظَر إليه عِكْرمة، فقال: ادفعه إلى عكرمة، فلمَّا أخَذه، نظَر إليه عيَّاش، قال: ادْفعه إلى عيَّاش، فما وصَل إلى عيَّاش حتى مات، وما وصَل إلى أحدٍ منهم حتى ماتوا.
من شدة حبِّهم آثروا على أنفسهم حتى ماتوا جميعًا، مَن يفعلها في هذا الزمان الذي أصبحنا فيه لا نعرف شيئًا عن الجيران، ولا عن الصَّدِيق، ولا عن القريب؟!
كل ما نهتمُّ به الآن هو العيش في رخاءٍ وحياة رغيدة، ونَستعرض على أنفسنا أجملَ الملابس وغيرنا لا يستطيع شراءَها.
قال - تعالى - في كتابه العزيز: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].
لا ينساهم مَن في السماء، ونحن أيضًا يجب علينا ألاَّ ننساهم، ونجعلهم جزءًا من الذاكرة المخلدة؛ حتى لا يطمسهم النسيان، لماذا لا نعيد الإيثار كما كان في عهد الرسول - صلى الله علية وسلم - هيَّا بنا نعود كما كان النبي والصحابة يؤْثرون بعضهم البعض في كلِّ شيءٍ؛ حتى نستأصِلَ المرض الذي تفشَّى في عقولنا وأفكارنا، نعود أسرةً مسلمة تعوَّدت على الإيثار والوفاء والتضحية، ونبتعد عن الكراهية والحسد والنَّميمة.